الخميس، 22 يناير 2015

دكتور ياسر ناجى | أورام الرحم الليفية

دكتور ياسر ناجى | أورام الرحم الليفية

دكتور ياسر ناجى | الخبير الاستشارى فى الاشعة التداخلية بمستشفيات نورث ويست لندن | علاج أورام الرحم الليفية



 يعد إنصمام الورم الليفي الرحمي هو أحد الوسائل العلاجية الحديثة التي ذاع صيتها مؤخراً لعلاج الأورام الليفية التي تصيب الرحم . ولقد تمثلت الوسائل العلاجية التقليدية القديمة في إجراء العمليات الجراحية عندما يتعذر على الأطباء معالجة هذه الأورام باستخدام الوسائل الطبية . ويعد إنصمام الشريان بالرحم ( الذى يتم من خلال قطع الإمداد الدموي للورم الليفي بالرحم ، مما يؤدى إلى انكماشه ثم قد يؤدى إلى اختفائه ) أحد الوسائل الفعالة والآمنة في علاج الأورام الليفية التي تعانى منها النساء اللاتي لا يرغبن في استئصال الرحم للتخلص من هذه الأورام.
ما هي الأورام الليفية ؟
إن الأورام الليفية ( والتي يطلق عليها أيضاً الورم العضلي الأملس ، الورم العضلي والورم العضلي الليفي ) هي عبارة عن بعض الأورام الحميدة التي تصيب الجدار العضلي للرحم . وتصيب هذه الأورام نسبة حوالى 30_40% من النساء ، وتعد كواحدة من أكثر الأمراض التي تصيب الجهاز التناسلي للمرأة 
إن الأورام الليفية عادة لا تكون مصحوبة بظهور بأعراض ، ولكن البعض الأخر يصاحبه أعراض مختلفة . على سبيل المثال: غزارة الطمث ( غزارة دماء الدورة الشهرية ) و الأعراض الخاصة بضغط الأورام على الأعضاء المجاورة. ففي حالة إن كانت الأورام الليفية تضغط على المسالك البولية ، فسوف يعانى الشخص من كثرة التبول ، وأذا ضغط الورم الليفي على الأعصاب والعظام ، ينتج عنها الآم أسفل الظهر و أعراض تتشابه مع أعراض مرض عرق النسا.

ما هي الوسائل العلاجية ؟
الوسائل العلاجية الطبية التقليدية : تتمثل في تناول الأقراص أو الحقن بالإبر للسيطرة على الهرمونات التي تؤدى إلى نمو تلك الأورام الليفية . ولكن هذه الوسائل تعد غير فعالة ، حيث أن الأورام الليفية سرعان ما تنمو مرة أخرى عند توقف المريض عن تناول العلاج.
جراحة إستئصال الورم الليفى: يجرى الأطباء هذه الجراحة لإستئصال الأورام الليفية فقط وليس الرحم بأكمله . هذة الطريقة لا تتناسب مع جميع الحالات كما إنها قد تؤدى في النهاية إلى ضرورة إستئصال الرحم نتيجة لفقدان كمية كبيرة من الدم.
إستئصال الورم الليفى بأستخدام منظار البطن ( عن طريق فتح ثقب بالجدار الخارجي للبطن دون الحاجة إلى عملية جراحية ) ، وتعد من الوسائل العلاجية الفعالة ، ولا تتطلب فتح جرحا غائرا. ولكن هذه الوسيلة العلاجية يمكنها علاج القليل من الأورام الليفية . كما أن مضاعفات إجراء ذلك المنظار تفوق مضاعفات إنصمام الورم الليفي الرحمي . حيث أنه قد يؤدى في بعض الأحيان إلى تدمير بعض الأعضاء المجاورة للرحم ، مما قد يتطلب إجراء بعض العمليات الجراحية لعلاجها فيما بعد.
هناك بعض التقنيات العلاجية الحديثة ، تتمثل في علاج الأورام الليفية بواسطة الليزر والموجات فوق الصوتية الموجه بأشعة الرنين المغناطيسى . هذه الوسائل تقوم بإحداث حرقاً داخل الورم الليفي والذى يتحول فيما بعد إلى ندباً . ولكن هذه الوسائل لا تتمكن من معالجة إلا القليل من الأورام الليفية . كما أنها تحقق نجاحاً قصير الأمد ، حيث أن هذه الأورام قد تستعيد نموها مرة أخرى.
إن إستئصال الرحم يعد أحد الوسائل العلاجية الفعالة والأكثر شيوعاً لعلاج الأورام الليفية التي تعانى منها بعض النساء . ولكنها تعد من العمليات الجراحية الكبرى التي تتطلب مكوث المريض من خمسة إلى سبعة أيام بالمستشفي بعد إجرائها ، بالإضافة إلى إحتياج المريض لفترة نقاهة لا تقل عن اثنين أو ثلاثة أشهر ، حتى يتمكن من التعافي تماماً وإستعادة نشاطه وحيويته . والجدير بالذكر أن إستئصال الرحم قد يسبب بعض المضاعفات التي قد تؤدى إلى إصابة المريض ببعض الأمراض الخطيرة التي تتطلب إجراء جراحي لمعالجتها فيما بعد ، كما قد تحدث أحياناً بعض حالات الوفيات ولكننا في نفس الوقت لا نستطيع أن ننكر أن إستئصال الرحم هو أفضل الوسائل العلاجية للأورام الليفية ، ويجب ألا تغفل النساء عن هذه الوسيلة العلاجية.
إن إنصمام الشريان الرحمي، والذى يعرف أيضاً بإسم إنصمام الورم الليفي الرحمي ، أو إنصمام الورم الليفي ، يعد هو أحدث الطرق العلاجية التي يعود أول إستخدام لها إلى فترة التسعينيات.
- يتمثل الإنصمام في إجراء إنسداد بالأوعية الدموية التي تغذى الأورام الليفية بالرحم ، مما يؤدى إلى إنكماشها تدريجياً حتى تختفي تماماً خلال بضعة أشهر.
- تم إجراء مئات الآلاف من الإنصمامات في كلاً من أوروبا والولايات المتحدة.
- إن إجراء الإنصمام لا يؤدى إلى إزالة الأورام الليفية تماماً ، ولكنه يقلص من حجمها ، ولا يمكن إزالتها بشكل تام إلا من خلال إجراء عملية جراحية لإستئصالها.
- إن أهم ما يميز الإنصمام هو أنه لا يتطلب إحداث جرحاً غائراً ، ويصاحبه القليل من المضاعفات ، كما أنه يتطلب المكوث ليوم واحد بالمستشفي ، وبعد ذلك يستطيع المريض إستعادة نشاطه وحيويته في أسرع وقت.
- أثبتت الدراسات الطبية أن 80 إلى 90 % من النساء اللاتى أجري لهن إنصماماً بالرحم قد شعرن بتحسن ملحوظ فى الآلام و الأعراض المصاحبة للورم الليفى
إجراءات عمل الإنصمام الأورام الليفية : 
إن إنصمام الورم الليفي يتم إجرائه بواسطة أحد الخبراء في مجال الأشعة التداخلية ، حتى يكن لدية خبرة واسعة في أستخدام القسطرة . إن إجراء مثل هذه الإنصمامات يتطلب توافر بعض التقنيات الحديثة ، بالإضافة إلى خبرة واسعة في هذا المجال.
يقوم الطبيب بوضع المريض تحت التخدير الموضعى والوريدى ، ثم يقوم بإدخال أنبوب رفيع يسمى القسطرة إلى الشريان الذى يقع أعلى الفخد . ثم يقوم الطبيب بإستخدام الأشعة السينية ( اكس راى ) لإدخال هذه القسطرة بكل من الشريانين الذين يقومان بتغذية الرحم ، وحقن جزيئات ضئيلة داخل شرايين الرحم . إن هذه الجزيئات الرفيعة تكون ذات أحجام معينة بحيث تصل فى النهاية إلى الشرايين التي تقوم بتغذية الأورام الليفية وسدها . إن هذه الجزيئات تساعد على القضاء على الاورام الليفية وتقليص حجمها في النهاية ، كما أنها لا تعد مواداً ضارة ، حيث يتم إستخدامها لسد العديد من الشرايين بمختلف أنحاء الجسد.
قد يشعر المريض ببعض الآلام المتوسطة أو الشديدة بعد إجرائه للإنصمام لمدة أربعة وعشرين ساعة . يتم معالجة تلك الآلام من خلال إعطاء المريض بعض المسكنات عن طريق الفم أو الحقن في الوريد ، قد يشعر المريض ببعض الآلام المشابهة لآلام الدورة الشهرية ، بالإضافة إلى إمكانية حدوث نزيف لمدة إسبوع إلى إسبوعين بعد إجراء الإنصمام . وهناك بعض المرضى تصيبهم الحمى أيضاً في الأسبوع الأول . وعادة يمكث المرضى لمدة ليلة واحدة بالمستشفي ، وينصحهم الاطباء دائماً بالحصول على إجازة من العمل لمدة إسبوعين.
في بعض الحالات يحتاج المريض لفترة لا تقل عن تسعة أشهر لتقليص حجم الاورام الليفية ، ولكن معظم المرضى يشعرون بتحسن كبير في فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر
المتابعة الطبية بعد إجراء الإنصمام : 
إن المتابعة الطبية تتمثل في إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية لمدة ستة أشهر والتصوير بالرنين المغناطيسى بعد إثنى عشر شهراً.
ما هي المضاعفات المحتملة :
إن إنصمام الشريان الرحمي يعد أحد الوسائل العلاجية الآمنة التي يتخللها بعض المضاعفات النادرة.
الإلتهاب :
هذا يعد أحد المضاعفات الخطيرة التي قد تحدث خلال بضعة أشهر من تاريخ إجراء الإنصمام . ويسبب هذا الإلتهاب إرتفاع درجة الحرارة و وجود أفرازات كريهة الرائحة . وهذا يتطلب رعاية طبية كاملة وسريعة عن طريق إعطاء بعض المضادات الحيوية التي ستساعد على التخلص من هذا الإلتهاب.
متلازمة ما بعد الإنصمام :
هذا يشبه أعراض الأنفلونزا ( تتمثل في الشعور بالإجهاد ، والغثيان والتقيؤ) ، بالإضافة إلى إمكانية حدوث إرتفاع طفيف في درجات الحرارة . وهذه الأعراض تتضح خلال اثنين وسبعون ساعة من إجراء الإنصمام . وهذه الأعراض جميعها تنتج عن ضمور الأورام الليفية . ويجب ألا تستمر لفترة تزيد عن إسبوعاً واحداً . ويتمثل أفضل علاج لها في مسكنات الآلام التي يكون لها تأثير فعال في ذلك.
الإفرازات المهبلية :
قد تستمر تلك الإفرازات لبضعة أسابيع بعد إجراء الإنصمام وتكون عبارة عن بعض الأنسجة الرخوة شديدة البياض ، ويصحبها بعض الدماء ولا يوجد داعٍ للقلق من تلك الإفرازات أذا لم يصاحبها أى أعراض أخرى . فهى تمثل بقايا الأورام الليفية التي تم القضاء عليها وطردها خارج الرحم . وستأخذ هذه الإفرازات وقتها حتى تنتهي تماماً.
فشل المبيض في التبويض :
على الرغم من كافة الإجراءات التي يتم إتخاذها أثناء إجراء الإنصمام لمنع وصول تلك الجزيئات التي يتم حقنها إلى بعض المناطق المحظورة (يعرف بإسم الإنصمام الخارج عن النطاق المرجو ) ، بعض الجزيئات التي يتم حقنها قد تنتقل إلى البويضات. مما قد يؤدى إلى توقف التبويض بشكل مؤقت أو دائم ، مما ينتج عنه الدخول في سن اليأس المبكر . نسبة حدوث هذا الضرر ضئيلة جدا.
القدرة على الحمل بعد إجراء الإنصمام :
أكدت العديد من المراكز الطبية التي تقوم بإجراء إنصمام الورم الليفي الرحمي أن النساء اللاتى أجرين مثل هذا الإنصمام لديهن القدرة على الإنجاب . ولكننا حتى الآن لا نعرف تأثير هذا الإنصمام على القدرة الإنجابية للمرأة على المدى الطويل . فهناك بعض النساء يملكن فرصاً قليلة في الإنجاب بعد إجراء هذا الإنصمام ، بينما أخريات زادت فرصهن في الإنجاب.
لم يتوصل الأطباء حتى الآن إلى نسبة النساء اللاتي لا يفقدن القدرة على الإنجاب بعد إجرائهن للإنصمام . فإن فرص الإنجاب ترتكز على مدى انتشار الأورام الليفية داخل الرحم . فالنساء اللاتى يعانين من إنتشار قوى للأورام الليفية تقل فرصهم في الإنجاب ، سواءاً أجرين إنصماماً أو استئصالا للأورام الليفية ، أو حتى لم يأخذن أى وسائل علاجي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق